غزوات الرسول (غزوة احد)
روائع سات :: الـــمــــنــتــــدى الاســـلامـــى الـــــعــام :: رسولنا الكريم و سنته العطرة و الصحابة و الأنبياء و الرسل
صفحة 1 من اصل 1
غزوات الرسول (غزوة احد)
في شوال سنة 3هـ كانت وقعة أحد . وذلك أن الله تبارك وتعالى لما أوقعبقريش يوم بدر ، وترأس فيهم أبو سفيان ، لذهاب أكابرهم ، أخذ يؤلب علىرسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى المسلمين . ويجمع الجموع ، فجمع قريباًمن ثلاثة آلاف من قريش ، والحلفاء والأحابيش . وجاؤوا بنسائهم لئلا يفروا، ثم أقبل بهم نحو المدينة ، فنزل قريباً من جبل أحد . فاستشار رسول اللهصلى الله عليه وسلم
أصحابه في الخروج إليهم ، وكان رأيه أن لا يخرجوا ، فإن دخلوها قاتلهمالمسلمون على أفواه السكك ، والنساء من فوق البيوت ، ووافقه عبد الله بنأبي -رأس المنافقين- على هذا الرأي ، فبادر جماعة من فضلاء الصحابة -ممنفاته بدر- وأشاروا على رسول الله صلى الله عليه وسلم بالخروج ، وألحواعليه . فنهض ودخل بيته، ولبس لأمته ، وخرج عليهم ، فقالوا : استكرهنا رسولالله صلى الله عليه وسلم على الخروج . ثم قالوا : إن أحببت أن تمكثبالمدينة فافعل ، فقال : ما ينبغي لنبي إذا لبس لأمته أن يضعها حتى يحكمالله بينه وبين عدوه . فخرج في ألف من أصحابه ، واستعمل على المدينة عبدالله بن أم مكتوم .
وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى رؤيا : رأى أن في سيفه ثلمة ، وأنبقراً تذبح . وأنه يدخل يده في درع حصينة . فتأول الثلمة : برجل يصاب منأهل بيته ، والبقر : بنفر من أصحابه يقتلون ، والدرع بالمدينة ، فخرج ،وقال لأصحابه : عليكم بتقوى الله ، والصبر عند البأس إذا لقيتم العدو ،وانظروا ماذا أمركم الله به فافعلوا . فلما كان بالشوط -بين المدينة وأحد-انخزل عبد الله بن أبي بنحو ثلث العسكر ، وقال : عصاني . وسمع من غيري ماندري علام نقتل أنفسنا ها هنا ، أيها الناس ؟ فرجع وتبعهم عبد الله بنعمرو -والد جابر- يحرضهم على الرجوع ، ويقول : قاتلوا في سبيل الله أوادفعوا ، قالوا : لو نعلم أنكم تقاتلون لم نرجع، فرجع عنهم وسبهم . وسألنفر من الأنصار رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يستعينوا بحلفائهم منيهود ، فأبى ، وقال : من يخرج بنا على القوم من كثب؟ . فخرج به بعضالأنصار ، حتى سلك في حائط لمربع بن قيظي من المنافقين -وكان أعمى-، فقاميحثو التراب في وجوه المسلمين ، ويقول : لا أحل لك أن تدخل في حائطي ، إنكنت رسول الله . فابتدروه ليقتلوه . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :لا تقتلوه فهذا أعمى القلب أعمى البصر .
ونفذ حتى نزل الشعب من أحد ، في عدوة الوادي الدنيا ، وجعل ظهره إلى أحد ،ونهى الناس عن القتال حتى يأمرهم . فلما أصبح يوم السبت تعبأ للقتال ، وهوفي سبعمائة ، منهم خمسون فارساً ، واستعمل على الرماة -وكانوا خمسين- عبدالله بن جبير . وأمرهم : أن لا يفارقوا مركزهم ، ولو رأوا الطير تختطفالعسكر ، وأمرهم : أن ينضحوا المشركين بالنبل ، لئلا يأتوا المسلمين منورائهم . وظاهر رسول الله صلى الله عليه وسلم بين درعين . وأعطى اللواءمصعب بن عمير ، وجعل على إحدى المجنبتين الزبير بن العوام ، وعلى الأخرى :المنذر بن عمرو . واستعرض الشباب يومئذ ، فرد من استصغر عن القتال -كابنعمر ، وأسامة بن زيد ، والبراء ، وزيد بن أرقم ، وزيد بن ثابت ، وعرابةالأوسي- وأجاز من رآه مطيقاً . وتعبأت قريش ، وهم ثلاثة آلاف . وفيهممائتا فارس ، فجعلوا ميمنتهم : خالد بن الوليد ، وعلى الميسرة : عكرمة بنأبي جهل .
ودفع رسول الله صلى الله عليه وسلم سيفه إلى أبي دجانة . وكان أول من بدرمن المشركين أبو عامر -عبد عمرو بن صيفي- الفاسق ، وكان يسمى الراهب . وهورأس الأوس في الجاهلية، فلما جاء الإسلام شرق به ، وجاهر بالعداوة . فذهبإلى قريش يؤلبهم على رسول ا لله صلى الله عليه وسلم ووعدهم : بأن قومه إذارأوه أطاعوه ، فلما ناداهم ، وتعرف إليهم ، قالوا : لا أنعم الله بك عيناًيا فاسق ، فقال : لقد أصاب قومي بعدي شر . ثم قاتل المسلمين قتالاً شديداً، ثم أرضخهم بالحجارة . وأبلى يومئذ أبو دجانة، وطلحة، وحمزة، وعلي،والنضر بن أنس، وسعد بن الربيع بلاء حسناً . وكانت الدولة أول النهارللمسلمين ، فانهزم أعداء الله ، وولوا مدبرين ، حتى انتهوا إلى نسائهم ،فلما رأى ذلك الرماة ، قالوا : الغنيمة ، الغنيمة ، فذكرهم أميرهم عهدرسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلم يسمعوا ، فأخلوا الثغر ، وكر فرسانالمشركين عليه ، فوجدوه خالياً ، فجاؤوا منه . وأقبل آخرهم حتى أحاطوابالمسلمين فأكرم الله من أكرم منهم بالشهادة -وهم سبعون- وولى الصحابة .وخلص المشركون إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فجرحوه جراحات ، وكسروارباعيته . وقتل مصعب بن عمير بين يديه ، فدفع اللواء إلى علي بن أبي طالب. وأدركه المشركون يريدون قتله ، فحال دونه نحو عشرة حتى قتلوا ، ثمجالدهم طلحة بن عبيد الله حتى أجهضهم عنه ، وترس أبو دجانة عليه بظهره ،والنبل يقع فيه وهو لا يتحرك . وأصيبت يومئذ عين قت ادة بن النعمان ، فأتىبها رسول الله صلى الله عليه وسلم فردها بيده ، فكانت أحسن عينيه . وصرخالشيطان : إن محمداً قد قتل ، فوقع ذلك في قلوب كثير من المسلمين . فمرأنس بن النضر بقوم من المسلمين قد ألقوا بأيديهم ، فقالوا : قتل رسول اللهصلى الله عليه وسلم . فقال : ما تصنعون بالحياة بعده ؟ قوموا فموتوا علىما مات عليه . ثم استقبل الناس ، ولقي سعد بن معاذ ، فقال : يا سعد ! إنيلأجد ريح الجنة من دون أحد ، فقاتل حتى قتل ، ووجد به سبعون جراحة . وقتلوحشي حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه ، رماه بحربة على طريقة الحبشة .
وأقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم نحو المسلمين ، فكان أول من عرفه تحتالمغفر : كعب بن مالك ، فصاح بأعلى صوته : يا معشر المسلمين ! هذا رسولالله ، فأشار إليه : أن اسكت ، فاجتمع إليه المسلمون ، ونهضوا معه إلىالشعب الذي نزل فيه . فلما أسندوا إلى الجبل أدركه أبي بن خلف على فرس له، كان يزعم بمكة : أنه يقتل عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلمااقترب منه طعنه رسول الله صلى الله عليه وسلم في ترقوته ، فكر منهزماً .فقال له المشركون : ما بك من بأس ، فقال : والله لو كان ما بي بأهل ذيالمجاز لماتوا أجمعين ، فمات بسرف . وحانت الصلاة ، فصلى بهم رسول اللهصلى الله عليه وسلم جالساً . وشد حنظلة بن أبي عامر على أبي سفيان ، فلماتمكن منه حمل عليه شداد بن الأسود فقتله ، وكان حنظلة جنباً ، فإنه حينسمع الصيحة وهو على بطن امرأته : قام من فوره إلى الجهاد ، فأخبر رسولالله صلى الله عليه وسلم أن الملائكة تغسله . وكان الأصيرم -عمرو بن ثابتبن وقش- يأبى الإسلام ، وهو من بني عبد الأشهل ، فلما كان يوم أحد: قذفالله الإسلام في قلبه للحسنى التي سبقت له . فأسلم وأخذ سيفه ، فقاتل ،حتى أثبتته الجراح ، ولم يعلم أحد بأمره . فلما طاف بنو عبد الأشهليلتمسون قتلاهم ، وجدوا الأصيرم -وبه رمق يسير ، فقالوا : والله إن هذاالأصيرم ، ثم سألوه : ما الذي جاء بك ؟ أحدب على قومك ، أم رغبة فيالإسلام ؟ فقال : بل رغبة في الإسلام ، آمنت بالله وبرسوله وأسلمت ، وماتمن وقته . فذكروه لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : هو من أهلالجنة، ولم يصل لله سجدة قط . ولما انقضت الحرب : أشرف أبو سفيان علىالجبل ، ونادى : أفيكم محمد ؟ فلم يجيبوه ، فقال : أفيكم ابن أبي قحافة ؟فلم يجيبوه . فقال : أفيكم ابن ا لخطاب ؟ فلم يجيبوه ، فقال : أما هؤلاءفقد كفيتموهم ، فلم يملك عمر نفسه أن قال : يا عدو الله ! إن الذين ذكرتهمأحياء ، وقد أبقى الله لك منهم ما يسوءك ، ثم قال : اعل هبل ، فقال رسولالله صلى الله عليه وسلم : ألا تجيبوه ؟، قالوا : ما نقول ؟ قال : قولوا :الله أعلى وأجل، ثم قال : لنا العزى ، ولا عزى لكم ، قال : ألا تجيبوه ؟قالوا : ما نقول ؟ قال : قولوا : الله مولانا ، ولا مولى لكم ، ثم قال :يوم بيوم بدر ، والحرب سجال ، فقال عمر : لا سواء ، قتلانا في الجنة ،وقتلاكم في النار . وأنزل الله عليهم النعاس في بدر وفي أحد ، والنعاس فيالحرب من الله ، وفي الصلاة ومجالس الذكر : من الشيطان . وقاتلت الملائكةيوم أحد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم .
ففي الصحيحين عن سعد ، قال : رأيت رسول الله يوم أحد ، ومعه رجلان يقاتلانعنه ، عليهما ثياب بيض ، كأشد القتال ، وما رأيتهما قبل ولا بعد . ومر رجلمن المهاجرين برجل من الأنصار -وهو يتشحط في دمه- فقال : يا فلان ! أشعرتأن محمداً قتل ؟ فقال الأنصاري : إن كان قد قتل فقد بلغ ، فقاتلوا عندينكم ، فنزل : وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل الآ ية . وكان يومأحد يوم بلاء وتمحيص ، اختبر الله عز وجل به المؤمنين ، وأظهر بهالمنافقين ، وأكرم فيه من أراد كرامته بالشهادة ، فكان مما نزل من القرآنفي يوم أحد : إحدى وستون آية من آل عمران ، أولها : وإذ غدوت من أهلك تبوءالمؤمنين مقاعد للقتال الآيات . ولما انصرفت قريش تلاوموا فيما بينهم ،وقالوا : لم تصنعوا شيئاً ، أصبتم شوكتهم ، ثم تركتموه ، وقد بقي منهمرؤوس يجمعون لكم ، فارجعوا حتى نستأصل بقيتهم . فبلغ ذلك رسول الله صلىالله عليه وسلم ، فنادى في الناس بالمسير إليهم ، وقال : لا يخرج معنا إلامن شهد القتال ، فقال له ابن أبي : أركب معك ؟ قال : لا . فاستجاب لهالمسلمون -على ما بهم من القرح الشديد- وقالوا : سمعاً وطاعة . وقال جابر: يا رسول الله ! إني أحب أن لا تشهد مشهداً إلا كنت معك ، وإنما خلفنيأبي على بناته ، فائذن لي أن أسير معك . فأذن له . فسار رسول الله صلىالله عليه وسلم والمسلمون معه ، حتى بلغوا حمراء الأسد ، فبلغ ذلك أباسفيان ومن معه، فرجعوا إلى مكة. وشرط أبو سفيان لبعض المشركين شرطاً علىأنه إذا مر بالنبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه : أن يخوفهم ، ويذكر لهم :أن قريش اً أجمعوا للكرة عليكم ليستأصلوا بقيتكم ، فلما بلغهم ذلك قالوا :حسبنا الله ونعم الوكيل . ثم دخلت السنة الرابعة . فكانت فيها وقعة خبيبوأصحابه ، في صفر .
أصحابه في الخروج إليهم ، وكان رأيه أن لا يخرجوا ، فإن دخلوها قاتلهمالمسلمون على أفواه السكك ، والنساء من فوق البيوت ، ووافقه عبد الله بنأبي -رأس المنافقين- على هذا الرأي ، فبادر جماعة من فضلاء الصحابة -ممنفاته بدر- وأشاروا على رسول الله صلى الله عليه وسلم بالخروج ، وألحواعليه . فنهض ودخل بيته، ولبس لأمته ، وخرج عليهم ، فقالوا : استكرهنا رسولالله صلى الله عليه وسلم على الخروج . ثم قالوا : إن أحببت أن تمكثبالمدينة فافعل ، فقال : ما ينبغي لنبي إذا لبس لأمته أن يضعها حتى يحكمالله بينه وبين عدوه . فخرج في ألف من أصحابه ، واستعمل على المدينة عبدالله بن أم مكتوم .
وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى رؤيا : رأى أن في سيفه ثلمة ، وأنبقراً تذبح . وأنه يدخل يده في درع حصينة . فتأول الثلمة : برجل يصاب منأهل بيته ، والبقر : بنفر من أصحابه يقتلون ، والدرع بالمدينة ، فخرج ،وقال لأصحابه : عليكم بتقوى الله ، والصبر عند البأس إذا لقيتم العدو ،وانظروا ماذا أمركم الله به فافعلوا . فلما كان بالشوط -بين المدينة وأحد-انخزل عبد الله بن أبي بنحو ثلث العسكر ، وقال : عصاني . وسمع من غيري ماندري علام نقتل أنفسنا ها هنا ، أيها الناس ؟ فرجع وتبعهم عبد الله بنعمرو -والد جابر- يحرضهم على الرجوع ، ويقول : قاتلوا في سبيل الله أوادفعوا ، قالوا : لو نعلم أنكم تقاتلون لم نرجع، فرجع عنهم وسبهم . وسألنفر من الأنصار رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يستعينوا بحلفائهم منيهود ، فأبى ، وقال : من يخرج بنا على القوم من كثب؟ . فخرج به بعضالأنصار ، حتى سلك في حائط لمربع بن قيظي من المنافقين -وكان أعمى-، فقاميحثو التراب في وجوه المسلمين ، ويقول : لا أحل لك أن تدخل في حائطي ، إنكنت رسول الله . فابتدروه ليقتلوه . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :لا تقتلوه فهذا أعمى القلب أعمى البصر .
ونفذ حتى نزل الشعب من أحد ، في عدوة الوادي الدنيا ، وجعل ظهره إلى أحد ،ونهى الناس عن القتال حتى يأمرهم . فلما أصبح يوم السبت تعبأ للقتال ، وهوفي سبعمائة ، منهم خمسون فارساً ، واستعمل على الرماة -وكانوا خمسين- عبدالله بن جبير . وأمرهم : أن لا يفارقوا مركزهم ، ولو رأوا الطير تختطفالعسكر ، وأمرهم : أن ينضحوا المشركين بالنبل ، لئلا يأتوا المسلمين منورائهم . وظاهر رسول الله صلى الله عليه وسلم بين درعين . وأعطى اللواءمصعب بن عمير ، وجعل على إحدى المجنبتين الزبير بن العوام ، وعلى الأخرى :المنذر بن عمرو . واستعرض الشباب يومئذ ، فرد من استصغر عن القتال -كابنعمر ، وأسامة بن زيد ، والبراء ، وزيد بن أرقم ، وزيد بن ثابت ، وعرابةالأوسي- وأجاز من رآه مطيقاً . وتعبأت قريش ، وهم ثلاثة آلاف . وفيهممائتا فارس ، فجعلوا ميمنتهم : خالد بن الوليد ، وعلى الميسرة : عكرمة بنأبي جهل .
ودفع رسول الله صلى الله عليه وسلم سيفه إلى أبي دجانة . وكان أول من بدرمن المشركين أبو عامر -عبد عمرو بن صيفي- الفاسق ، وكان يسمى الراهب . وهورأس الأوس في الجاهلية، فلما جاء الإسلام شرق به ، وجاهر بالعداوة . فذهبإلى قريش يؤلبهم على رسول ا لله صلى الله عليه وسلم ووعدهم : بأن قومه إذارأوه أطاعوه ، فلما ناداهم ، وتعرف إليهم ، قالوا : لا أنعم الله بك عيناًيا فاسق ، فقال : لقد أصاب قومي بعدي شر . ثم قاتل المسلمين قتالاً شديداً، ثم أرضخهم بالحجارة . وأبلى يومئذ أبو دجانة، وطلحة، وحمزة، وعلي،والنضر بن أنس، وسعد بن الربيع بلاء حسناً . وكانت الدولة أول النهارللمسلمين ، فانهزم أعداء الله ، وولوا مدبرين ، حتى انتهوا إلى نسائهم ،فلما رأى ذلك الرماة ، قالوا : الغنيمة ، الغنيمة ، فذكرهم أميرهم عهدرسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلم يسمعوا ، فأخلوا الثغر ، وكر فرسانالمشركين عليه ، فوجدوه خالياً ، فجاؤوا منه . وأقبل آخرهم حتى أحاطوابالمسلمين فأكرم الله من أكرم منهم بالشهادة -وهم سبعون- وولى الصحابة .وخلص المشركون إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فجرحوه جراحات ، وكسروارباعيته . وقتل مصعب بن عمير بين يديه ، فدفع اللواء إلى علي بن أبي طالب. وأدركه المشركون يريدون قتله ، فحال دونه نحو عشرة حتى قتلوا ، ثمجالدهم طلحة بن عبيد الله حتى أجهضهم عنه ، وترس أبو دجانة عليه بظهره ،والنبل يقع فيه وهو لا يتحرك . وأصيبت يومئذ عين قت ادة بن النعمان ، فأتىبها رسول الله صلى الله عليه وسلم فردها بيده ، فكانت أحسن عينيه . وصرخالشيطان : إن محمداً قد قتل ، فوقع ذلك في قلوب كثير من المسلمين . فمرأنس بن النضر بقوم من المسلمين قد ألقوا بأيديهم ، فقالوا : قتل رسول اللهصلى الله عليه وسلم . فقال : ما تصنعون بالحياة بعده ؟ قوموا فموتوا علىما مات عليه . ثم استقبل الناس ، ولقي سعد بن معاذ ، فقال : يا سعد ! إنيلأجد ريح الجنة من دون أحد ، فقاتل حتى قتل ، ووجد به سبعون جراحة . وقتلوحشي حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه ، رماه بحربة على طريقة الحبشة .
وأقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم نحو المسلمين ، فكان أول من عرفه تحتالمغفر : كعب بن مالك ، فصاح بأعلى صوته : يا معشر المسلمين ! هذا رسولالله ، فأشار إليه : أن اسكت ، فاجتمع إليه المسلمون ، ونهضوا معه إلىالشعب الذي نزل فيه . فلما أسندوا إلى الجبل أدركه أبي بن خلف على فرس له، كان يزعم بمكة : أنه يقتل عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلمااقترب منه طعنه رسول الله صلى الله عليه وسلم في ترقوته ، فكر منهزماً .فقال له المشركون : ما بك من بأس ، فقال : والله لو كان ما بي بأهل ذيالمجاز لماتوا أجمعين ، فمات بسرف . وحانت الصلاة ، فصلى بهم رسول اللهصلى الله عليه وسلم جالساً . وشد حنظلة بن أبي عامر على أبي سفيان ، فلماتمكن منه حمل عليه شداد بن الأسود فقتله ، وكان حنظلة جنباً ، فإنه حينسمع الصيحة وهو على بطن امرأته : قام من فوره إلى الجهاد ، فأخبر رسولالله صلى الله عليه وسلم أن الملائكة تغسله . وكان الأصيرم -عمرو بن ثابتبن وقش- يأبى الإسلام ، وهو من بني عبد الأشهل ، فلما كان يوم أحد: قذفالله الإسلام في قلبه للحسنى التي سبقت له . فأسلم وأخذ سيفه ، فقاتل ،حتى أثبتته الجراح ، ولم يعلم أحد بأمره . فلما طاف بنو عبد الأشهليلتمسون قتلاهم ، وجدوا الأصيرم -وبه رمق يسير ، فقالوا : والله إن هذاالأصيرم ، ثم سألوه : ما الذي جاء بك ؟ أحدب على قومك ، أم رغبة فيالإسلام ؟ فقال : بل رغبة في الإسلام ، آمنت بالله وبرسوله وأسلمت ، وماتمن وقته . فذكروه لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : هو من أهلالجنة، ولم يصل لله سجدة قط . ولما انقضت الحرب : أشرف أبو سفيان علىالجبل ، ونادى : أفيكم محمد ؟ فلم يجيبوه ، فقال : أفيكم ابن أبي قحافة ؟فلم يجيبوه . فقال : أفيكم ابن ا لخطاب ؟ فلم يجيبوه ، فقال : أما هؤلاءفقد كفيتموهم ، فلم يملك عمر نفسه أن قال : يا عدو الله ! إن الذين ذكرتهمأحياء ، وقد أبقى الله لك منهم ما يسوءك ، ثم قال : اعل هبل ، فقال رسولالله صلى الله عليه وسلم : ألا تجيبوه ؟، قالوا : ما نقول ؟ قال : قولوا :الله أعلى وأجل، ثم قال : لنا العزى ، ولا عزى لكم ، قال : ألا تجيبوه ؟قالوا : ما نقول ؟ قال : قولوا : الله مولانا ، ولا مولى لكم ، ثم قال :يوم بيوم بدر ، والحرب سجال ، فقال عمر : لا سواء ، قتلانا في الجنة ،وقتلاكم في النار . وأنزل الله عليهم النعاس في بدر وفي أحد ، والنعاس فيالحرب من الله ، وفي الصلاة ومجالس الذكر : من الشيطان . وقاتلت الملائكةيوم أحد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم .
ففي الصحيحين عن سعد ، قال : رأيت رسول الله يوم أحد ، ومعه رجلان يقاتلانعنه ، عليهما ثياب بيض ، كأشد القتال ، وما رأيتهما قبل ولا بعد . ومر رجلمن المهاجرين برجل من الأنصار -وهو يتشحط في دمه- فقال : يا فلان ! أشعرتأن محمداً قتل ؟ فقال الأنصاري : إن كان قد قتل فقد بلغ ، فقاتلوا عندينكم ، فنزل : وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل الآ ية . وكان يومأحد يوم بلاء وتمحيص ، اختبر الله عز وجل به المؤمنين ، وأظهر بهالمنافقين ، وأكرم فيه من أراد كرامته بالشهادة ، فكان مما نزل من القرآنفي يوم أحد : إحدى وستون آية من آل عمران ، أولها : وإذ غدوت من أهلك تبوءالمؤمنين مقاعد للقتال الآيات . ولما انصرفت قريش تلاوموا فيما بينهم ،وقالوا : لم تصنعوا شيئاً ، أصبتم شوكتهم ، ثم تركتموه ، وقد بقي منهمرؤوس يجمعون لكم ، فارجعوا حتى نستأصل بقيتهم . فبلغ ذلك رسول الله صلىالله عليه وسلم ، فنادى في الناس بالمسير إليهم ، وقال : لا يخرج معنا إلامن شهد القتال ، فقال له ابن أبي : أركب معك ؟ قال : لا . فاستجاب لهالمسلمون -على ما بهم من القرح الشديد- وقالوا : سمعاً وطاعة . وقال جابر: يا رسول الله ! إني أحب أن لا تشهد مشهداً إلا كنت معك ، وإنما خلفنيأبي على بناته ، فائذن لي أن أسير معك . فأذن له . فسار رسول الله صلىالله عليه وسلم والمسلمون معه ، حتى بلغوا حمراء الأسد ، فبلغ ذلك أباسفيان ومن معه، فرجعوا إلى مكة. وشرط أبو سفيان لبعض المشركين شرطاً علىأنه إذا مر بالنبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه : أن يخوفهم ، ويذكر لهم :أن قريش اً أجمعوا للكرة عليكم ليستأصلوا بقيتكم ، فلما بلغهم ذلك قالوا :حسبنا الله ونعم الوكيل . ثم دخلت السنة الرابعة . فكانت فيها وقعة خبيبوأصحابه ، في صفر .
روائع سات :: الـــمــــنــتــــدى الاســـلامـــى الـــــعــام :: رسولنا الكريم و سنته العطرة و الصحابة و الأنبياء و الرسل
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى